“إن التفكير مستحيل من دون صور” – سقراط
فن التصوير الضوئي هو أحدث الفنون البصرية بخلاف فن الرسم الغارق في القدم. ويدعى: التصوير الفوتوغرافي Photography ولكن لماذا تم تمييز هذا الفن الحديث على أنه فن الـ فوتوغرافي ؟
للإجابة على ذلك ، تفضل بقراءة المعلومات التالية.
أولا: تحرير المصطلحات
لنحرر مفردات هذه التسمية على النحو التالي:
١- مفردة Photo وتعني الضوء
٢- مفردة graph وتعني الرسم
٣- مفردة photograph وتعني صورة رُسمت بالضوء
٤- مفردة Photography وتعني فن الرسم بالضوء
وقد يتسائل البعض قائلا، لماذا جاءت تسمية هذا الفن بـ فن الرسم بالضوء؟ بمعنى لماذا تم التعبير عن الصورة الملتقطة بآلة التصوير على أنها رسمة ضوء photograph وهو مصطلح حديث نسبيا، في حين كان بالإمكان استخدام كلمات أكثر قدما وتعبر عن مفهوم الصورة كـ Image او picture .. ؟!
للإجابة على ذلك التساؤل علينا أن نرجع الى الماضي لنقلب صفحات تاريخ هذا الفن الى ما قبل ظهور فن الفوتوغرافي (الرسم بالضوء).
التجديد في مفهوم الرؤية
ورائد هذه المرحلة هو العالم المسلم الحسن بن الهيثم حيث قام بتصحيح بعض المفاهيم السائدة في ذلك الوقت اعتمادًا على نظريات أرسطو وبطليموس وإقليدس، فأثبت ابن الهيثم حقيقة أن الضوء يأتي من الأجسام إلى العين، وليس العكس كما كان يعتقد في تلك الفترة.
الظهور الأول لـ مفهوم الغرفة المظلمة
حيث كان الحسن ابن الهيثم هو أول من قدم وصفا واضحا وصحيحا الغرفة المظلمة أو ما تعرف أيضا بالكاميرا ذات الثقب. حيث وصف أثر مرور الضوء عبر ثقب صغير بأنه يظهر صورة كل شيء على سطح الجانب المقابل لتلك البؤرة. فكان بذلك أول من نجح في مشروع نقل صورة من الخارج إلى شاشة داخلية كما في الكاميرة المظلمة والتي اشتق الغرب اسمها من الكلمة العربية: “قُمرة”، وذلك عن طريق المفردة camear obscura اللاتينية والتي تعني الغرفة المظلمة.
نبذة يسيرة عن الحسن بن الهيثم
الميلاد في عام ٣٥٤هـ (٩٦٥م) في البصرة، والوفاة في عام ٤٣٠ هـ (١٠٤٠م) في القاهرة. كانت الاهتمامات الرئيسية له في علم الفلك والهندسة والرياضيات والميكانيكا والبصريات وفلسفة العلوم والفيزياء. وله أعمال ملحوظة في علم البصريات والمنهج العلمي والتجربة والإدراك البصري وهندسة اهليليجية وهندسة لا إقليدية ومن أعماله الأبرز كتاب المناظر والذي جاء في ٧ مجلدات.
ومن إسهاماته في مجال الرؤية و البصريات:
١- تصحيح مفهوم الرؤية.
٢- مفهوم الغرفة المظلمة والتي عرفت بـ [قُمرة].
٣- اثبات أن الضوء يسير في خطوط مستقيمة.
توظيف الغرفة المظلمة في الفن
بعد التوصيف الرائع للغرفة المظلمة، وأنه بإمكان الضوء النافذ عبر الثقب أن يصنع صورة مماثلة للمشهد خارج الغرفة، توجه تفكير الرسامين نحو توظيف مزايا هذه الغرفة واعتبارها تقنية جديدة تساعد في رسم المشاهد باستخدام الضوء لما لها من ميزة في إعطاء منظور حقيقي للمشهد. وكان الرسام آنذاك يرسم صورة مقلوبة تماشيا مع شكل الصورة المتشكلة داخل الغرفة المظلمة.
ومنذ ذلك الحين كان لابد على الرسامين أن يميزوا هذا الفن، فكانت تسميته بفن الرسم بالضوء لا تخرجه عن الفن التشكيلي، لكون الصورة النهائية هي رسمة يتم انتاجها باليد بعد الاستعانة بتقنية الغرفة المظلمة كوسيلة جديدة في الفن التشكيلي.
تطوير الغرفة المظلمة بإضافة: العدسة والمرآه
بعد ان دوّن ليوناردو داڤنشي ملاحظاته وأفكاره حول الغرفة المظلمة، قام من أتى بعده بإضافة “عدسة” مكان الثقب. وكان لها دورا في وضوح الصورة.
كما تمت الاستعانة بالمرآة والتي بدورها ساعدت في تصحيح الصورة المقلوبة كي يسهل على الرسام استنساخ المشهد دون أي إجهاد للعين. وهذا الامر ساهم كثيرا في نشر ثقافة الرسم بالضوء بين الهواة و الفنانين.
* أنظر للشكلين التوضيحيين التاليين.
التطور الكيميائي و ولادة التصوير الفوتوغرافي بمفهومه الحديث
المراحل السابقة مثّلت تطور الغرفة المظلمة تطورا بصريا، ولكن فيما بعد شهدت القمرة تطورا نوعيا، حينما تمكن الفرنسي لويس داغور من أن يصل إلى طريقة جديدة يقلل فيها مدة تعريض نترات الفضة من ساعات إلى فترة قصيرة تصل من العشرين إلى الثلاثين دقيقة. واستطاع كذلك أن يثبّت الصورة بغمسها في أملاح خاصة.
هنا تقدم فيزيائي آخر يقال له ويليم هنري فوكس تاليبوت بحل عبقري جديد عبر طريقة جديدة تعتمد على استخدام الورق للحصول على صورة سلبية يمكن نسخ العديد من الصور الإيجابية منها وسميت [الكالوتيب] والتي طورت فيما بعد لتصبح الطريقة المعتمدة في التصوير الحديث.
بهذا التطور الكيميائي تمكنت الغرفة المظلمة من رسم المشهد بشكل آلي بواسطة الضوء، وبذلك فتحت آلة التصوير طريقا جديدا لفن عرف بالتصوير الضوئي أو الفوتوغرافي مستقلا بذلك عن فن الرسم التقليدي ومتحررا من دور اليد في عملية تشكيل الصورة الذي حل مكانها أخيرا الضوء والتفاعل الكيميائي.
مما سبق يتبين لنا أن فن التصوير الفوتوغرافي قد استمد تسميته من البداية التاريخية لاستخدام هذه التقنية في الرسم التقليدي.
انفوجرافيك:
نهاية المادة ،،